الأول : تكرار القصة في القرآن :
إن اطلاق كلمة تكرار هنا فيعا كثير من التسامح و التساهل ، فإن تعرض القرآن لما حدث مع نبي من الأنبياء مع قومه في أكثر من موضع ليس تكرارا بالمعنى الحقيقي ، إنما هو استشهاد بالقصة لأغراض متعددة ، لذلك لا نجد القصة تعاد كما هي ، و إنما يذكر الجزء المناسب للغرض و المقصد الذي اقتضى الاستشهاد بالقصة باستعراض سريع . أما جسم القصة فلا يكرر إلا نادرا و لاستنباط دروس و عبر جديدة منه مما يجعله على الحقيقة غير مكرر .
وهكذا وردت قصة آدم في ست مواضع من القرآن تثير العبر حول خطر اتباع الهوى و مخالفة أمر الله ، وضعف الإنسان ، وتوبته و قبول توبته و هكذا .....
كما تكررت قصة موسى ، مع فرعون ، ومع قومه ، ومع نبي الله شعيب في مدين .... وفي كل موضع عبرة و عظة و حكمة و دروس .
الثاني : تكرار العبارات في القرآن :
هذا القسم من التكرار يبرز بعض خصائص أسلوب القرآن و أسرار بلاغته المعجزة فتارة يكرر الجملة أو العبارة دون تغيير فيها لما في ذلك من التأكيد أو التهويل أو التصوير ، وكل هذا له أثر عظيم في تعميق المعنى في النفس وصدعها عما تصر عليه و يظهر هذا واضحا في سورة الرحمن حيث تكرر كثيرا قوله تعالى :
( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) وتارة يكون التكرار مع اختلاف في نظم الجملة ، أو إيجاز أو إطناب أو نحو ذلك ، وذلك يبرز سر من أسرار إعجاز القرآن ، وهو التعبير عن المعنى الواحد بأكثر من أسلوب دون أن ينال تكرار المعنى من سمو الأسلوب و إعجازه بينما لا يخلو كلام البشر من تفاوت بين الأسلوبين .