منهج القصص في القرآن الكريم :
لما كانت القصة في القرآن تهدف إلى مقاصد دينية و إيمانية كانت طريقة القص في القرآن متميزة عن المألوف في هذا الفن ، لكي يتلائم أسلوب عرض القصة مع الوفاء بحق الغرض الذي سيقت لأجله ، ومن أبرز سمات منهج القصص في القرآن ما يلي :
1- أن القصة لا ترد في القرآن بتمامها دفعة واحدة ، بل يقتصر على الجزء الذي يناسب الغرض الذي تساق القصة لأجله ، كما يكتفى بالجملة من الآية أو شطر البيت من الشعر للاستشهاد به .
فقصة موسى مع فرعون في سورة غافر وردت في جو كأنه جو معركة ، لأن فيها بيان الصراع بين الحق و الباطل فتذكر السورة من القصة ما يلائم ذلك : محاولة قتل موسى و التفكير بقتل
( أبناء الذين آمنوا معه و استحيوا نساءهم )
ثم ظهور الرجل المؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه ينصر موسى و يدافع عنه و احتيال فرعون للتهرب من دلائل الحق و براهينه إلى أن تأتي نهايته بالهلاك و العذاب الأليم و بحفظ الله لهذا المؤمن الحكيم :
( فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب ) .
2- استخراج التوجيهات و العظات و الإعلان بها في ثنايا القصة و في ختامها مما توحي به القصة من العبر و الدروس .
ففي قصة لقمان مثلا :
( و إذ قال لقمان لابنه و هو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ) يأتي البيان القرآني بتعقيب على هذه الموعظة بقوله :( ووصينا الإنسان بوالديه ...) فهذا بعد وصية لقمان الأولى ليس من كلام لقمان ، بل هو من كلام الله تعالى يوجهه سبحانه لعباده لمناسبة وعظ لقمان ، يحقق غرضين كبيرين :
الأول : التأكيد على وصية لقمان ( لا تشرك بالله ) ببيان أنه أعظم الحقوق ، و أنه لايجوز التساهل إزاء قضية الإيمان وتوحيد الله لأي اعتبار ، ولو كان هو حق الوالدين البالغ غاية التقديس .
الثاني : تأكيد حق الوالدين ، و بيان أنه أجل حقوق العباد على الإنسان و أقدس واجبات الإنسان تجاه الإنسان لكنه مع ذلك لايقاوم حق الله تعالى .
نتابع منهج القصص في القرآن الكريم :
3- التكرار :
والتكرار خاصة من خصائص أسلوب القرآن بصورة عامة ، وهو في طريقة عرض القرآن للقصة جزء من تلك الطريقة وهو قسمين :